...

29‏/1‏/2013

خبراء يكشفون اللغز لماذا تبدأ الثورة من السويس؟

خبراء يكشفون اللغز لماذا تبدأ الثورة من السويس؟
2013-01-29 11:06:17


  «يا بيوت السويس.. أستشهد والله وف إيدى أكفانى.. فداكى وفدا أهلى وبنيانى.. أموت ويا صاحبى قوم خد مكانى.. ده بلدنا حالفة ما تعيش غير حرة.. أنا لحمك توبك على لحم كتافى.. وأقضى يومى عرقان وحافى.. وإن قدمى اتعقر بالرمل الأصفر.. لأغطس قدمى فى البحر الصافى.. وتعودى أحسن من يوم ما كنتِ.. يا بيوت السويس».. كلمات الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى، التى أهداها للمدينة الباسلة وأولادها، هى واحدة من مئات الأشعار التى تغنى بها أهالى السويس. حاول الكثيرون إيجاد وصف يناسب «السوايسة»، بلد تربى أهله على الاستشهاد، عقيدتهم النضال، وقبلتهم الصفوف الأولى فى وجه كل حاكم ظالم، هنا وقفت المقاومة الشعبية فى وجه الجيش الإسرائيلى عام 1973، وهنا سقط أول شهيد فى ثورة 25 يناير 2011، والآن بدأت الثورة الثانية بسقوط شهدائهم. فسر بعض الخبراء طبيعة المواطن السويسى بأنه يشعر بقيمة الأرض وأهمية الحرية أكثر من أى مواطن غيره، لأن موقعه على الساحل جعله المواجه الأول لغزاة مصر. وفسَّر الدكتور سمير نعيم، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، طبيعة السويس كمدينة دائماً ما تبدأ الثورة من أرضها، فى عدة نقاط، أهمها الطبيعة الجغرافية التى جعلت منها خط الدفاع الأول لمصر ضد أى هجمات خارجية، لذلك كانوا أول من أوقف زحف الجيش الإسرائيلى فى حرب 1973، وقال «اكتسبوا الشجاعة والاستبسال والجرأة دفاعاً عن الوطن وعن أنفسهم وكرامتهم، وبالتالى هم يتعرضون دائماً للبطش والاستشهاد، بداية من حرب 1956 ثم نكسة 1967، وأول شهيد فى ثورة 25 يناير سقط منهم، لأن رفضهم للسلطة الباطشة أقوى من خوفهم على حياتهم». وحلل «نعيم» شخصية المواطن السويسى قائلاً: «فى علم النفس والاجتماع دائماً ما تتكون الشخصية نتيجة تاريخها الاجتماعى، وهو ما تتشكل بناء على ظروفه، ومن الطبيعى أن من تربى على أغانى وأشعار السمسمية، التى تحكى بطولات السويس، ويحفظها الأطفال منذ نعومة أظافرهم، والأمهات يحكين لأبنائهن بطولات واستبسال أجدادهم فى وجه العدو، كلها تراكمات تخلق شخصية تميل إلى الطابع النضالى أكثر من غيرها، فمن تصدى لجيش العدو بدباباته فى يوم من الأيام، والسيدات اللائى وقفن فى شرفاتهن يقذفن الجيش الإسرائيلى بالحلل والهون، لا بد أن نرى أبنائهم وأحفادهم يحملون نفس الجينات». لم يختلف التحليل النفسى للسويس عن تفسير طبيعتها الاجتماعية، حيث قال الدكتور محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إن «مدن القناة عموماً تتمتع بحس وطنى أعلى من غيرها، وتتحفظ دائماً على كل ما يهدد أمن الوطن، فهم يمتلكون حاسة خاصة بهم تجعلهم فى مواجهة خط النار قبل غيرهم، والسويس تحديداً تتمتع بطابع خاص، فهى أفقر مدن القناة وأقلها استمتاعاً بالخدمات الحكومية، ففى الإسماعيلية وبورسعيد قدر من الرفاهية والحالة الاقتصادية الأفضل، أما السويس فمهملة المرافق، وأحوال الناس تميل إلى الفقر وهو ما يجعلها قابلة للاشتعال فى كل وقت، يضاف إلى ذلك حساسيتهم المفرطة تجاه مشاكل الوطن، أكثر من سكان الدلتا أو الصعيد بمراحل». ويضيف «المهدى»: «الشعوب التى تكون على الممرات المائية لها صفات خاصة، وهى أنها تختلط وتحتك بالعالم الخارجى كثيراً، وتكون لديهم حالة من العزة والحرية أكثر من بقية الناس فى البيئة الريفية أو الصحراوية، فهم يتمتعون بوعى زائد، وأهل السويس تحديداً عرفوا بأنهم أهل مقاومة وأبطال، وهو ما يترسخ فى نفوسهم من جيل لجيل، بخلاف أن بلدهم تعرض كثيراً لويلات الحروب، فمن هنا دائماً تبدأ الثورات». داخل السويس، تختلف نظرة أهلها لحب الوطن عن غيرهم. «الوطن» تحدثت إلى «عم سيد كابوريا»، وهو يعزف على السمسمية الأشعار الوطنية، سألناه لماذا يبدأ الغضب من مدينتكم؟ فرد بإحدى أغنياته، من كلمات الشاعر عربى حسن: «سيب الحكاية للنهاية.. وبكرة نعرف إيه هيجرى.. بكرة الحكاية من البداية.. تتنشر والناس هتقرا.. ولما تقرا الناس هتعرف إحنا مين.. يعرفوا إن السوايسة طيبين.. وإن السوايسة همّا أبطال الرواية.. سيب الحكاية». يفسر عم «كابوريا» وجهة نظره، فيقول: «معروف إن السويس منطقة وطنية بطبعها، ساحلها وطنى، أهلها وطنيون، أطفالها يتغنون بأشعار تحث على النضال، حنين السويسى لمصر وأمنها من كل ظلم أكثر من غيره، إيه المشكلة لما نموت عشان بلدنا، اللى قبلنا ماتوا على دبابات العدو وانتصروا عليه، بصمات شهدائنا تدفعنا لتقديم أرواحنا لتراب البلد، التاريخ كتب هنا، وأرواحنا مازالت رهن إشارة الوطن». من جانبه، يحكى على أمين، القيادى الوفدى بالسويس، تاريخ المدينة ورجالها الذى يحدد مستقبلها، يقول: «أول من يتصدى للغزاة هو من يختار الصفوف الأولى فى كل المعارك، ومن هنا يأتى شباب السويس، تربينا على الكفاح والنضال وعدم الخضوع أو السكوت على ظلم حاكم، فسقط منا أول شهيد فى 25 يناير 2011، واليوم سقط أول شهيد فى الثورة الثانية أيضاً، وسنظل على هذا النهج حتى تستقر مصر، فمنذ الاحتلال الإنجليزى حتى وقتنا هذا لم يتغير موقفنا ولم نخَف يوماً من الوقوف فى الصفوف الأولى أمام خط النار، جينات السويسى هى المقاومة، والاستشهاد قدره الذى رضى به دفاعاً عن وطنه».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق